روضة الصائم

مهام القاضي وشروطه (1)

26 مايو 2017
26 مايو 2017

زهران بن ناصر البراشدي - القاضي بالمحكمة العليا مسقط -

الأدب لغةً: الأدب محركةً: الظرف وحسن التناول أدب كحسن أدب فهو أديب ج: أدباء. وأدبه: علمه فتأدب واستأدب. والأدبة بالضم والمأدبة والمأدبة (بفتح الدال وضمها): طعام صنع لدعوة أو عرس. وهو: مأخوذ من الأدب بضم الهمزة وسكون الدال؛ وهو الجمع والدعاء إلى المأدبة؛ وذلك أن تدعو الناس وتجمعهم إلى طعامك والمأدبة الطعام المصنوع المدعو إليه، ومنه قول طرفه بن العبد:

ورثوا السؤدد عن آبائهم

ثم سادوا سؤددًا غير زمر

نحن في المشتاة ندعو الجفلى

لا ترى الآدب فــــــــينا ينتقـــــــــر

واصطلاحا: اسم يقع على كل محمود يتخرج به الإنسان في فضيلة من الفضائل.

وعرفه بعضهم بـأنه: ملكة تعصم من قامت به عما يشينه.

ويطلق الأدب على الخصال الحميدة؛ والمراد به هنا جميع ما يجب على القاضي أن يفعله وما عليه أن ينتهي عنه، وما يؤمر به ويندب إليه فعلا أو تركا.

وسميت الخصال الحميدة أدبًا؛ لأنها تدعو إلى الخير والرفعة ورضاء الله ورسوله والخلق أجمعين.

ومنه ما روي من طريق ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن هذا القرآن مأدبة الله، فتعلموا من مأدبته ما استطعتم»

والملكة: الصفة الراسخة للنفس القادرة على تفنيد الأشياء على وجهها الصحيح، فما لم يكن كذلك لا يكون أدبًا كما لا يخفى.

والقضاء: لغةً: الفرض والتقدير. وقد ورد على أوجه كثيرة، منها: الفراغ؛ كما في قوله عز وجل: (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ) والأمر، (إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ). والموت والأجل: (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ). والفصل: (لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ). (وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ). والمضي: (لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا). والهلاك (لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ). والوجوب (وَقُضِيَ الْأَمْرُ). والإبرام (فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا). والإعلام (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ). والوصية: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا). والنزول (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ). والخلق: (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ). والفعل: ( كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ). والعهد (إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ).

وعرف اصطلاحا: بأنه صفة حكمية توجب لموصوفها نفوذ حكمه الشرعي، ولو بتعديل أو تجريح. وله أركان وأهل وحكم. فأركانه خمسة: قاض؛ وهو: الحاكم بين المتداعين، الفاصل في الخصومة بينهم.

وصفته: حر مسلم ذكر بالغ عاقل فطن عدل عالم؛ غير جاهل ولا فاسق.

ومقضي به؛ وهو: الدليل. ومقضي فيه؛ وهو: الحق المتنازع عليه، ومقضي له؛ وهو: المحكوم له بالحق. و: مقضي عليه؛ وهو المحكوم عليه.

وأهله: القاضي. وأما حكمه فسيأتي إن شاء الله في المبحث الآتي.

حكم تولي منصب القضاء فرض على الكفاية على القادر عليه علما وعملا، وكونه أفضل من حوله في العلم والتقوى والورع والزهد مع خوف تعطل الأحكام؛ إن لم يدخل فيه، لما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «.. ومن تولى من أمر المسلمين شيئًا فاستعمل عليهم رجلا وهو يعلم أن فيهم من هو أولى بذلك وأعلم منه بكتاب الله وسنة رسوله فقد خان الله ورسوله وجميع المؤمنين..». أما من لا علم له فلا يصح له الدخول فيه؛ لما في ذلك من الحكم بالجور والقول بغير علم، والخوض في ذلك بغير علم حرام، وتقول على الله ورسوله؛ وهو من أكبر الآثام، حيث قرن الحق جل جلاله وعظم سلطانه ذلك بالشرك فقال: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ).